بابا بيضرب ماما

طفلة صغيرة في أحدى رياض الاطفال استوقفتني برجهها البرئ لتسأل سؤالا
اعتقد انها احتارت بان تجد له اجابة في نفسها الصافية وان كان ينذر بالخطر
في اعماقها التي لم تتراكم فيها حصيلة تناقضات المثالية مع الواقع وهنا السؤال
بنفس ما نطقته بكلماتها الحائرة...
يصير بابا يضرب ماما
لاجيبها وانا امسح على راسها وكاني احاول ان امسح ما يمكن ان يتركه هذا السؤال
في فكرها وهو في أول مراحل معرفته واكتشافه للحقائق التي لاشك ستكون النواة
الاولى لتكوين شخصيتها قلت لها برفق ومبتسمة:
لا ما بيصير بابا يضرب ماما
الا انها قالت بنفس العفوية وبكلمات شعرت بها وكانها قنابل موقوتة .. يعلم الله متى
ستنفجر في نفسها .. ان لم تجد من يزيحها عن طريق تفكيرها او ينزع فتيلها من
اعماقها قالت ... ( بس بابا يضرب ماما )
وشعرت اني امام امتحان صعب وان اجابتي لها لابد ان تكون حاسمة لتنهي حيرتها
وان اكون صادقة معها لامجاملة فلو قلت لها
( ربما بابا يمزح او يلعب مع ماما )
لاصبح موقف الضرب امامها من المواقف التي تستعذبها وتنظر اليه وكأنه لعبة
مسلية وقد تصاب بعقدة التلذذ بالضرب والقسوة ...
ولو قلت لها يمكن ( ماما غلطت علشان هيك بابا ضربها)
لاهتزت صورة امها في نفسها وعاشت في رعب من الخطأ او الغلط مهما كان بسيطا
حتى لا تتعرض لمثل هذا العقاب .. لاصبح الوالد او الرجل الذي تعتقد ان له في نفسها
من المكانة ما يخوله لمحاسبتها هو المارد الجبار فتخافه ولا يحبه .. وتكذب عليه ولا
تصارحه خوفا من العقاب ..
ولو قلت ( كل الاباء والامهات هيك ) لكرهت الارتباط برجل ما في المستقبل حتى
لايصبح صورة أخرى من والدها الذي يضرب امها فيضربها ..
كل هذه الاتجاهات مرت بخاطري في ثوان وانا اشعر بمدى ثقة الطفلة باجاباتي فنحن
معشر الكبار نشكل القدوة التي قد توازي اذا لم تزد عن قدوة المنزل قلت لها وانا احاول
ان اكون بمستواها واضع يدي على كتفها وانظر بعينيها قولي له
( ما بيصير يابابا تضرب ماما هذا غلط )..


لما ايها الاباء لاتكونوا قدوة في السلوك الحسن..؟؟؟
لما لاتساعدوهم على تكوين شخصياتهم السوية..؟؟؟
لما لاتزرعوا في انفسهم الاحترام المتبادل بينكما ؟؟؟

فاذا كان لابد من المشاحنات والخلافات بينكما والضرب ايضا
فليكن بعيدا عن عيونهم ومسمعهم ادخلوا غرفتكم الخاصة وافعلوا
ما شئتم
؛؛
؛؛
كل الاحترام والتقدير